السؤال:
أختي البالغة من العمر 19 سنة، تعيش فترة مراهقة وسط بنات مراهقات مثلها يسلكون طرقًا خاطئة في استغلال أوقات فراغهن.
أنا أعلم أنها تعيش في حالة من الضياع، ولكنني لا أستطيع مساعدتها ولا أستطيع أن أخبر والدي بما تفعله وعن الطريق الذي تسير فيه، أريدها أن تبتعد عن صديقات السوء، وخاصة أقاربنا، أريدها أن تحافظ على ثقة والديّ بها، وأن تعلم أن هذا الطريق ليس هو طريق السعادة، علمًا بأن والديّ يلبيان لها كل ما تتمناه، فماذا أفعل معها؟
الجواب:
الأخت السائلة.. حفظها الله ما ذكرتيه مشكلة يجب الوقوف عندها والاهتمام بها.. ومسئوليتك كبيرة حيال ذلك، ونحن نقدر اهتمامك بأختك وحرصك على خلاصها مما هي فيه. عزيزتي السائلة.. يتبين مما ذكرتيه في استشارتك أنك أمام خمس قضايا، وهي:
1- المرحلة العمرية التي تعيشها أختك.
2- الأفعال الخاطئة التي ترتكبها وصديقات السوء، والتي لم تذكريها بالتحديد.
3- مشكلة تأثير صديقاتها اللواتي وصفتيهن بصديقات السوء، وخاصة إذا كنّ من الأقارب.
4- كيفية تعاملك مع هذه المشكلة ومع أختك تحديدًا.
5- هل تخبري والديك أم لا؟
بالنسبة للمرحلة العمرية التي تعيشها أختك فمن المفترض أنها تعدت مرحلة المراهقة، وأنها غدت مسئولة عن تصرفاتها، وصارت تحكم عقلها فيما تقوم به، فعلى ما أعتقد أنها في السنة الأولى من الجامعة، وكونك تقولين إنها لا زالت تعيش فترة المراهقة، فهذا يدل على وجود مشكلة معينة كأن تعيش مرحلة مراهقة متأخرة أو أن انتماءها لصديقاتها أقوى من انتمائها للأسرة المتمثلة بنصح الوالدين وتجارب الإخوة الكبار الناضجة، وهذا لا يتعاكس مع ما ذكرتيه بأن الوالدين يلبيان لها كل ما تتمناه، بل ربما هو أحد الأسباب التي تزيد المشكلة من حيث عدة نقاط:
1- أن الدلال الزائد قد يفسد الأخلاق.
2- الاهتمام بالحاجات المادية على حساب الحاجات المعنوية يؤدي إلى نتائج سلبية خاصة إذا كان هذا الاهتمام كنوع من التعويض عن انشغال الأبوين عن أبنائهم، وهنا يبرز دورك في تنمية انتماء أختك لأسرتها وزرع الثقة بكلام الأبوين والإخوة الكبار بنفسها على أن يتم ذلك بطريقة غير مباشرة.. ولا تتصوري أن هذا الموضوع يمكنك إنجازه بين ليلة وضحاها بل إن هذا يحتاج إلى صبر ووقت طويل ويتم تقديمه على شكل جرعات فكرية بين الحين والآخر مع الحرص كل الحرص على الابتعاد عن الطريقة الوعظية لئلا تنصرف أختك عما تقولينه، وتعد أنك ستأخذين دور الأخت الكبرى التي تفهم وتقدر ما لا يمكن أن تفهمه هي واستعيني بالله وتوكلي عليه في كل ما تقومين به وأكثري من الدعاء لأختك واطلبي من الله سبحانه وتعالى أن يوفقك بما تقومين به لأجلها.
القضية الثانية: الأفعال الخاطئة التي تقوم بها أختك وهي مرتبطة بعوامل أخرى؛ كارتباطها بصديقات السوء ودرجة وقوعها تحت تأثيرهن وعدم وجود ثقة بما يقوله الأهل أو عدم وجود حوارات أسرية أو مشورات، وهذه الأفعال السلبية تزول بزوال العوامل المسببة لها مع العلم أن دورك مهم في تبيان سلبية بعض هذه الأفعال عن طريق إيراد قصص واقعية من المجتمع، الحوار الهادئ الجاد جدًّا مهم ويجب الإكثار منه كما يمكنك اصطحاب أختك معك لزيارة صديقة لك أو قريبة تثقي بفكرها وآرائها ودينها لتلاحظ أختك الفرق في تصرفاتكن وكيف تمضون وقت فراغكن فتبدأ المقارنة وقد يتبين لها من خلال ذلك سلبيات التصرفات التي تقوم بها وصديقاتها.
القضية الثالثة: تأثير صديقاتها القوي عليها وهنا يمكن لأختك أن تتجاوز هذه المشكلة عن طريق:
أولًا: زيادة الثقة بنفسها لتكون صاحبة قرار ذاتي لا يخضع أو يتأثر بأفكار وتصرفات الغير.
ثانيًا: كشف التصرفات السلبية لتلك الصديقات... فالصح واضح والخطأ كذلك.
ثالثًا: الثناء على التصرفات الإيجابية التي تقوم بها أختك أو حتى صديقاتها لتلاحظ لوحدها الفرق بين التصرفات الإيجابية وتلك السلبية.
نأتي إلى القضية الرابعة وهي جد مهمة كيف تتعاملين مع أختك؟ لا شك أن لك دورًا مهمًّا وأساسيًّا في كل ما ذكرناه سابقًا غير إدخال هذه المفاهيم الجديدة في ذهن أختك، وكما أسلفنا بطريقة غير مباشرة بالدرجة الأولى وبطريقة قريبة من قلب أختك بالدرجة الثانية، خاصة وأنك أختها بمعنى أنك قريبة منها، تعرفين ما تحب وما تكره وبالتالي فإن تأثيرك عليها يكون نابعًا من قدرتك ومعرفتك بها وبالظروف التي تعيشها والمسببات التي أدت بها إلى هذه التصرفات.
القضية الخامسة: والتي تعد أهم القضايا، وهي أن تخبري الأهل أم لا؟ والإجابة هنا منوطة بك أنت.. ولكن قبل أي شيء نود أن نقدم لك بعض النقاط المهمة التي عليك وضعها في عين الاعتبار: رد فعل والديك حيال مثل هذه المشكلة، وما دمتِ تعلمين أنها ردة فعل سلبية ويمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية فمن الأفضل جعلها كحل أخير بعد أن تفشل الحلول الأخرى. أما إذا كان رد فعل الوالدين أو أحدهما بطريقة إيجابية ولهما تأثير قوي على أختك في تعديل سلوكها فمن الأفضل التحدث إليهم أو إلى أحدهم فقط، ولا تنسي أن طريقة نقلك للمشكلة تحدد بشكل كبير رد فعل أهلك حيال المشكلة فيجب عدم تهويل المشكلة ولا الإقلال من شأنها والتفكير معًا في إيجاد الحل الأمثل لها. ربما يكون من الأهمية إخبار الأهل بالمشكلة خاصة وأنك ذكرت أن بعض صديقات السوء هن من الأقارب فيكون لازمًا على أحد الوالدين التحدث إلى أهل هؤلاء القريبات للوصول إلى حلول مشتركة، خاصة وأن للقريبات حق عليك بنصحهن والبحث عن الحلول بمشاكلهن لا الاكتفاء بإبعاد أختك عنهن وتركهن على ما هنّ عليه.
أخيرًا.. إذا رأيتِ أن أختك وصديقاتها يمكن أن يصلن إلى الوقوع في خطأ فادح ولم تستطيعي أن تفعلي لهن شيئًا، فالأولى إخبار الأهل ومن أكبر سنًّا وخبرة منك ليتدخلوا ويتخذوا الإجراءات اللازمة.
الكاتب: سلام الشرابي.
المصدر: موقع المسلم.